أبو الفضل نصر بن مزاحم بن سيار المنقري، نسبته إلى بني منقر بن عبيد بن الحارث ابن عمرو بن كعب بن زيد مناة بن تميم. كوفي النشأة، لكنه سكن بغداد.
لم تذكر لنا المصادر التاريخية المختلفة سنة ولادته، لكن ابن النديم (ت380هـ-990م) عده في طبقة أبي مخنف لوط بن يحيى (ت170هـ-786م)، وهذا ما حمل عبد السلام هارون محقق كتاب وقعة صفين على القول أن ولادة نصر كانت قريبة من سنة (120هـ-737م).
كان جهد نصر منصباً نحو التأليف الشيعي، فهو مؤرخ يغلو في مذهبه كما ذكر المؤرخون، فقد صنف خمسين كتاباً لم يصلنا منها سوى كتاب "وقعة صفين" الذي يعتبر أقدم نص موجود لدينا عن هذه الوقعة.
اختلف المؤرخون في توثيق نصر بن مزاحم، شأنهم في كل راوٍ من الشيعة، فبينما يذكره ابن حبان أبو حاتم، محمد بن أحمد التميمي البستي (ت354هـ-868م)، في ثقاته، ويقول ابن أبي الحديد أبو ماجد، عز الدين عبد الحميد بن هبة الله الشيعي (ت656هـ-1257م) في شأنة "ثقة ثبت صحيح النقل غير منسوب إلى هوى وهو من رجال أصحاب الحديث"، يقول فيه العقيلي أبو جعفر، محمد بن عمرو بن موسى المكي (ت322هـ-933م) "شيعي في حديثه إضطراب"، ويقول الرازي أبو محمد، عبد الرحمن ابن أبي حاتم التميمي (ت327هـ-938م) "زائغ الحديث متروك".
وقد عني علماء التاريخ بتسجيل هذه الوقعة لأهميتها في التاريخ الإسلامي، حيث دارت رحاها مائة يوم وعشرة أيام، بلغت فيها الوقائع تسعين وقعة، وقتل فيها سبعون ألف قتيل من كلا المعسكرين.
ومن أقدم من ألف في هذه الوقعة أبو مخنف لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سليم الأزدي (ت170هـ-786م). كما عاصر نصر مؤرخاً آخر ألفّ فيها، وهو عبد الله بن محمد الواقدي (ت207هـ-822م).
روى نصر رواياته التاريخية عن إحدى وأربعين شيخاً جلهم من الشيعة وممن سكن الكوفة، ومن أبرزهم: عمرو بن شمر الجعفي (ت157هـ-773م)، وعمر بن سعد بن أبي الصيد الأسدي (ت180هـ-796م)، وقد أخذ عنه نصر قرابة نصف مادة كتابه "وقعة صفين".
كما نقل روايات نصر في كتابه وقعة صفين تلميذ واحد هو سليمان بن الربيع النهدي الخزاز (ت274هـ-887م).
ويذكر المترجمون أن نصراً كان يعمل عطاراً يبيع العطور، ولعل هذا ما أسبغ على تأليفه ذلك الذوق الرفيع الحسن، ولعل ذلك أيضاً ما أكسبه هذه الروح البارعة في التأليف، إذ إنه يسوق مقدمات حرب صفين في حذق، ثم يصور لنا الحرب وهي دائرة الرحى في دقة تصوير وحسن استيعاب.
يشبه أسلوب نصر بن مزاحم قصص الأيام، ويعكس ما كان يجري في مجالس السمر، وهو أسلوب مباشر يفيض بالحيوية، وواقعي يختلط فيه النثر بالشعر، يتخلله الكثير من الخطب والمحاورات والآيات والأحاديث والرسائل، قدم صورة أخاذة حية للحوادث المختلفة بكل تفصيلاتها.
تناولت الدراسة وجهة نظر نصر بن مزاحم ومقارنتها مع وجهة نظر ستة من المؤرخين عاشوا في القرنين الثالث والرابع الهجريين، بهدف إبراز رؤيته الحعطايية، ومواقفه التاريخية من الوقعة نفسها، إنطلاقاً من الإيمان أن المقارنة التاريخية هي الطريق الأهم للوصول إلى النتائج الدقيقة، وهؤلاء المؤرخون هم:
البلاذري (ت279هـ-892م)، والدينوري (ت282هـ-895م)، واليعقوبي (ت292هـ-904م)، والطبري (ت310هـ-922م)، والمسعودي (ت 346هـ-947م)، والمقدسي (ت355هـ-965م).
وقد انسجمت وجهة نظر نصر مع المؤيدين لوجهة النظر العلوية العراقية باعتبار هذه الوقعة خروجاً على الخليفة صاحب الإرث النبوي، علي بن أبي طالب، وعُدَّ مخالفةً شرعية، ومؤامرة حاك خيوطها بذكاء معاوية بن أبي سفيان (ت60هـ-697م) وعمرو بن العاص (ت43هـ-664م).
ومهما يكن فإن نتائج هذه الوقعة أفرزت نظام حكم جديد ولد عام (41هـ-661م) وقاد العالم الإسلامي حتى عام (ت132هـ-749م) وغير قواعد اللعبة السياسية والتاريخية والجغرافية.
حمل الملف الكامل
لم تذكر لنا المصادر التاريخية المختلفة سنة ولادته، لكن ابن النديم (ت380هـ-990م) عده في طبقة أبي مخنف لوط بن يحيى (ت170هـ-786م)، وهذا ما حمل عبد السلام هارون محقق كتاب وقعة صفين على القول أن ولادة نصر كانت قريبة من سنة (120هـ-737م).
كان جهد نصر منصباً نحو التأليف الشيعي، فهو مؤرخ يغلو في مذهبه كما ذكر المؤرخون، فقد صنف خمسين كتاباً لم يصلنا منها سوى كتاب "وقعة صفين" الذي يعتبر أقدم نص موجود لدينا عن هذه الوقعة.
اختلف المؤرخون في توثيق نصر بن مزاحم، شأنهم في كل راوٍ من الشيعة، فبينما يذكره ابن حبان أبو حاتم، محمد بن أحمد التميمي البستي (ت354هـ-868م)، في ثقاته، ويقول ابن أبي الحديد أبو ماجد، عز الدين عبد الحميد بن هبة الله الشيعي (ت656هـ-1257م) في شأنة "ثقة ثبت صحيح النقل غير منسوب إلى هوى وهو من رجال أصحاب الحديث"، يقول فيه العقيلي أبو جعفر، محمد بن عمرو بن موسى المكي (ت322هـ-933م) "شيعي في حديثه إضطراب"، ويقول الرازي أبو محمد، عبد الرحمن ابن أبي حاتم التميمي (ت327هـ-938م) "زائغ الحديث متروك".
وقد عني علماء التاريخ بتسجيل هذه الوقعة لأهميتها في التاريخ الإسلامي، حيث دارت رحاها مائة يوم وعشرة أيام، بلغت فيها الوقائع تسعين وقعة، وقتل فيها سبعون ألف قتيل من كلا المعسكرين.
ومن أقدم من ألف في هذه الوقعة أبو مخنف لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سليم الأزدي (ت170هـ-786م). كما عاصر نصر مؤرخاً آخر ألفّ فيها، وهو عبد الله بن محمد الواقدي (ت207هـ-822م).
روى نصر رواياته التاريخية عن إحدى وأربعين شيخاً جلهم من الشيعة وممن سكن الكوفة، ومن أبرزهم: عمرو بن شمر الجعفي (ت157هـ-773م)، وعمر بن سعد بن أبي الصيد الأسدي (ت180هـ-796م)، وقد أخذ عنه نصر قرابة نصف مادة كتابه "وقعة صفين".
كما نقل روايات نصر في كتابه وقعة صفين تلميذ واحد هو سليمان بن الربيع النهدي الخزاز (ت274هـ-887م).
ويذكر المترجمون أن نصراً كان يعمل عطاراً يبيع العطور، ولعل هذا ما أسبغ على تأليفه ذلك الذوق الرفيع الحسن، ولعل ذلك أيضاً ما أكسبه هذه الروح البارعة في التأليف، إذ إنه يسوق مقدمات حرب صفين في حذق، ثم يصور لنا الحرب وهي دائرة الرحى في دقة تصوير وحسن استيعاب.
يشبه أسلوب نصر بن مزاحم قصص الأيام، ويعكس ما كان يجري في مجالس السمر، وهو أسلوب مباشر يفيض بالحيوية، وواقعي يختلط فيه النثر بالشعر، يتخلله الكثير من الخطب والمحاورات والآيات والأحاديث والرسائل، قدم صورة أخاذة حية للحوادث المختلفة بكل تفصيلاتها.
تناولت الدراسة وجهة نظر نصر بن مزاحم ومقارنتها مع وجهة نظر ستة من المؤرخين عاشوا في القرنين الثالث والرابع الهجريين، بهدف إبراز رؤيته الحعطايية، ومواقفه التاريخية من الوقعة نفسها، إنطلاقاً من الإيمان أن المقارنة التاريخية هي الطريق الأهم للوصول إلى النتائج الدقيقة، وهؤلاء المؤرخون هم:
البلاذري (ت279هـ-892م)، والدينوري (ت282هـ-895م)، واليعقوبي (ت292هـ-904م)، والطبري (ت310هـ-922م)، والمسعودي (ت 346هـ-947م)، والمقدسي (ت355هـ-965م).
وقد انسجمت وجهة نظر نصر مع المؤيدين لوجهة النظر العلوية العراقية باعتبار هذه الوقعة خروجاً على الخليفة صاحب الإرث النبوي، علي بن أبي طالب، وعُدَّ مخالفةً شرعية، ومؤامرة حاك خيوطها بذكاء معاوية بن أبي سفيان (ت60هـ-697م) وعمرو بن العاص (ت43هـ-664م).
ومهما يكن فإن نتائج هذه الوقعة أفرزت نظام حكم جديد ولد عام (41هـ-661م) وقاد العالم الإسلامي حتى عام (ت132هـ-749م) وغير قواعد اللعبة السياسية والتاريخية والجغرافية.
حمل الملف الكامل